
الزيادة السكانية طوفان صامت يهدد التنمية”
ندوة مركز شباب بله المستجدة تدق ناقوس الخطر وتطلق صرخة وعي!
تقرير: أحمد نصر
في زمن تتزايد فيه التحديات وتُثقل كاهل الوطن هموم التنمية والعدالة الاجتماعية، كانت “الزيادة السكانية” الحاضر الأخطر في ندوة ثقافية نارية أقيمت بمركز شباب بله المستجدة، وجاءت لتُعلن بوضوح: التنمية في خطر، والوطن في مفترق طرق، والمجتمع أمام اختيار مصيري… إما الوعي، أو الغرق في فوضى الأعداد!
الندوة انعقدت تحت رعاية الدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة، وبإشراف الأستاذ مندى عكاشة وكيل وزارة الشباب والرياضة بالمنيا، والأستاذ حربى حسن مدير إدارة شباب بني مزار، وبتنظيم متميز من الأستاذ عيسى رمضان عيسى مدير مركز شباب بله المستجدة، وسط حضور شبابي وجماهيري واسع، وبمشاركة عدد من القيادات المحلية، والمهتمين بالشأن السكاني، والعاملين في الحقل التنموي والإعلامي.
بداية الندوة: حين تصافح الوعي مع الحلم
افتتحت الندوة بكلمة ترحيبية من الأستاذ عيسى رمضان عيسى، عبّر فيها عن أهمية طرح هذا الموضوع الحيوي في قلب المجتمع المحلي، مؤكدًا أن مركز شباب بله المستجدة لم يعد مجرد فضاء للرياضة والترفيه، بل صار منصة حقيقية للثقافة والتنوير وبناء الإنسان.
أعقبه الأستاذ حربى حسن، مدير إدارة شباب بني مزار، بكلمة حماسية شدد فيها على أن الزيادة السكانية قضية أمن قومي قبل أن تكون شأنًا تنمويًا، مشيرًا إلى ضرورة استمرار هذا النوع من الندوات التي تعالج الجذور لا الأعراض، وتواجه الحقائق بشجاعة.
كلمة أحمد خيري نصر… تشعل المنصة بكلمة تاريخية ونار في صميم الحقيقة!
ثم كانت اللحظة الفارقة في الندوة حين صعد إلى المنصة الصحفي والإعلامي الكبير أحمد خيري نصر، المحاضر بأكاديمية دمشق للتدريب والوعي المجتمعي، الذي قدّم كلمة مطوّلة استوقفت الحضور، لما حملته من صدق، وقوة، وجرأة، ووعي.
قال نصر:
“الزيادة السكانية ليست رقمًا يُكتب في دفتر الإحصاء، بل هي معركة وجود تُخاض على كل جبهة من جبهات التنمية… في الصحة، في التعليم، في الغذاء، في الموارد، في الاقتصاد، وفي الإنسان ذاته.”
وأضاف:
“نحن أمام كارثة تلتهم ثمار التنمية قبل أن تنضج، وتُجهض كل حلم قبل أن يولد. والأخطر أن هذا الطوفان لا يُسمع له صوت، لكنه يتسرب في صمت، ويفسد كل شيء، من الداخل، كالسوس في جدران البيت.”
ثم وجه كلماته للشباب، قائلًا:
“أنتم في الصف الأول من هذه المعركة. لن تحميكم الشهادات ولا الهواتف الذكية ولا الأزياء العصرية إذا لم يكن لديكم وعي حقيقي بقضية الوطن الكبرى… لا تنمية مع انفجار سكاني. لا مستقبل دون تحديد واعٍ للنمو. لا عدالة دون تنظيم. عليكم أن تعوا، أن تناقشوا، أن ترفضوا التواكل، وأن تقولوا: لن نورث أبناءنا وطنًا يضيق بهم!”
وتابع نصر كلمته بأسلوبه الأدبي الناري مؤكدًا:
“نحتاج إلى خطاب جديد… خطاب يحمل الحقيقة بلا خوف، ويغرس الوعي لا التهويل، ويصنع من كل شاب منكم مشروع قائد، لا مشروع ضحية. نحن لا نكره الأطفال، بل نكره أن نتركهم بلا مدارس، بلا صحة، بلا فرص، بلا أفق!”
وأفاد نصر قائلاً:
“الدولة وحدها لا تستطيع مواجهة هذا الوحش الديموغرافي، بل نحتاج إلى وعي مجتمعي شامل يبدأ من الأسرة والمدرسة ومراكز الشباب، ويتكامل مع دور الإعلام والدين والتعليم في نشر ثقافة الإنجاب المسؤول، ومفاهيم التوازن السكاني والتنمية المستدامة.”
واختتم كلمته برسالة نارية:
“الوطن لا يحتاج إلى مزيد من الأعداد… بل إلى مزيد من الوعي. فالزيادة السكانية ليست قدرًا محتومًا، بل نتيجة حتمية للجهل، والعلاج هو المعرفة، والانتماء، والإرادة!”
تفاعل جماهيري ومداخلات حماسية
عقب الكلمة، فُتح باب الحوار، وشهدت القاعة عاصفة من التفاعل. تقدّم الشباب بأسئلتهم، طرحت الفتيات آراءهن بشجاعة، وتوالت المداخلات من الأهالي، لتفتح ملفات الواقع:
المدارس التي لم تعد تكفي
المستشفيات التي تنهار تحت الضغط
أحلام الهجرة كطوق نجاة
الزواج المبكر بلا وعي
مفاهيم مغلوطة عن الإنجاب والبركة والستر
وقد عبّر المشاركون عن امتنانهم لهذا النوع من الندوات التي “تخاطب العقل دون تجميل، وتطرق على أبواب المسكوت عنه دون خوف”، مطالبين بتكرارها، وتوسيع رقعتها لتشمل المدارس والقرى والمراكز كافة.
رسائل خاصة من القيادات المحلية
في ختام الفاعليات، ألقى الأستاذ مندى عكاشة وكيل وزارة الشباب والرياضة بالمنيا كلمة مقتضبة، أكد فيها على دعم الوزارة الكامل لكل ما يسهم في بناء الوعي المجتمعي، وشكر القائمين على الندوة وعلى رأسهم الإعلامي أحمد خيري نصر، مؤكدًا أن “الوعي هو السلاح الأقوى في وجه كل التحديات، وأن الشباب هم حائط الصد الأول لأي خطر يهدد التنمية.”
“حين يصبح الوعي ثقافة، يصبح الوطن أقوى…!”
غادر الحاضرون القاعة بوجوه متأملة وقلوب مشتعلة. لم تكن ندوة عابرة، بل كانت زلزال وعي أيقظ العقول من غفوتها، وأعاد ترتيب الأسئلة الكبرى في عقول الشباب.
ندوة “الزيادة السكانية وأثرها على التنمية” في مركز شباب بله المستجدة لم تكن مجرد فعالية ثقافية، بل كانت صرخة وعي في وجه الغفلة، ونقطة انطلاق نحو معركة وعي لا تقبل التأجيل… معركة التنمية الحقيقية.
الزيادة السكانية طوفان صامت يهدد التنمية”